شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
199707 مشاهدة
علامات الطهر من الحيض

قوله: [وانقطاع الدم: بأن لا تتغير قطنة احتشت بها في زمن الحيض طهر] والصفرة والكدرة في زمن الحيض حيض، لما روى مالك عن علقمة عن أمه أن النساء كن يرسلن بالدرجة فيها الشيء من الصفرة إلى عائشة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء قال مالك و أحمد هو ماء أبيض يتبع الحيضة. وفي زمن الطهر طهر لا تعتد به، نص عليه، لقول أم عطية كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا رواه أبو داود .


الشرح: الطهر من الحيض معروف عند النساء، فإن الحيض له علامات والطهر له علامات فتارة يعرف الطهر بتوقف الدم المعروف عن الخروج، بحيث تحس المرأة بانقطاعه، أو تحتشي بقطنة فتخرج بيضاء نقية من الدم، فتعرف بذلك أنها طهرت، وتارة يعرف الطهر بانقطاع آلام الحيض وآثاره، فإن الكثير من النساء تعرف إقبال الحيض وإدباره بما تحسه من آلام داخلية، تعرف بها وجوده وعدمه، وإن كان هذا ليس عاما لكل النساء لكنه معروف عند الكثير، فبه يعرف بقاء الحيضة أو انتهاؤها، وتارة يعرف الطهر بخروج القصة البيضاء، لهذا الأثر الذي رواه مالك في باب طهر الحائض، عن علقمة عن أمه واسمها مرجانة مولاة عائشة قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصلاة إلخ، وقد ذكر هذا الأثر البخاري -رحمه الله- في باب إقبال الحيض وإدباره، معلقا، وقد فسرت القصة البيضاء بأنها القطنة إذا خرجت بيضاء بعد الاحتشاء بها، كما فسرت بأنها ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، كما ذكره الشارح عن أحمد و مالك ونقله الحافظ في الفتح، وأصل القصة النورة، أو الجص الذي تشيد به الحيطان، شبه هذا الماء به لبياضه وصفائه، قال مالك سألت النساء عن القصة البيضاء فإذا هو أمر معلوم عندهن يرينه عند الطهر، لكن كثرا من النساء لا يعرفن هذه القصة، فيكتفين بعلامات الطهر الأخرى.
أما الصفرة والكدرة التي تراها النساء فإن كانت في زمن العادة وقبل انتهاء مدتها فهي حيض، لها أحكامه كلها، وإن وجدت الصفرة والكدرة بعد الطهر، فإنها لا تعد شيئا، وتكون كدم العرق والاستحاضة، ودليل ذلك قول أم عطية الذي ذكره الشارح، فهو نص فيما بعد الطهر، مفهومه أنهما قبل الطهر يعدان من الحيض، وعلى هذا فإنهما بعد الطهر يعتبران حدثا دائما تتوضأ معه المرأة لكل صلاة، وتعصب فرجها وتصلي بقية الوقت فروضا ونوافل، كما تفعل مع دم الاستحاضة، وتحرص على أن لا يصيب الثوب أو المصلى.